أفضل المسلسلات الأجنبية في التاريخ

تحت بريق الأبراج الزجاجية والشاشات المالية، تبدأ المأساة الحقيقية في عائلة “روي” التي تملك واحدة من أكبر الإمبراطوريات الإعلامية في العالم. عندما يتقدم الأب القوي “لوغان روي” (براين كوكس) في السن، يبدأ أولاده في التناحر للسيطرة على العرش الذي بناه بيدٍ من حديد. من هنا تنطلق Succession (2018–2023)، دراما باردة وساخنة في الوقت نفسه، تتحدث عن العائلة كما لو كانت دولة، وعن المال كما لو كان دينًا جديدًا يحكم العالم الحديث.

ما يميز العمل هو واقعيته القاسية وسخريته الذكية. لا يوجد أبطال هنا، بل مجموعة من الورثة المكسورين يتصارعون باسم القوة والحب والاعتراف، لكنهم جميعًا ضحايا نظامٍ لا يرى في الإنسان سوى رقمٍ في تقرير الأرباح. أسلوب الكتابة الذي صاغه جيسي أرمسترونغ يمزج بين الحوار السريع اللاذع والدراما النفسية المتصاعدة، في مزيج نادر يصعب تقليده.

الأداء التمثيلي كان بمثابة دراسة في الإقناع: براين كوكس قدّم “لوغان” كإعصار من الغضب والعقلانية الباردة، فيما جسّد جيريمي سترونغ شخصية “كيندال” كأيقونة التردد والتمرد، وسارة سنوك كابنة طموحة تمزقها الولاءات، وكيران كولكين كمزيج من السخرية والضعف الإنساني. كل مشهد في المسلسل هو حوار بين القوة والفراغ.

بصريًا، يعتمد Succession على كاميرات محمولة تلاحق الشخصيات وكأنها تتجسس عليها، ما يمنح المشاهد إحساسًا بأنه جزء من العالم المغلق الذي يدور خلف الكواليس. الموسيقى التي وضعها نيكولاس بريتيل أصبحت أيقونية بحد ذاتها، إذ تمزج بين الكلاسيكية والتوتر العصري، معبرة عن طبقة لا تهدأ أبدًا.

المسلسل ليس مجرد دراما عن المال، بل عن غياب الحب في زمن تحكمه الأرقام. إنه حكاية عن العائلة حين تصبح مؤسسة، وعن الإنسان حين يختفي خلف علامته التجارية. بهذا العمق والصدق، يرسّخ Succession مكانته كأحد أفضل المسلسلات الأجنبية التي قدّمت المرآة الأكثر قسوة لطبقة لا تُهزم إلا من داخلها.