فيلم حملة فرعون

البداية والعودة إلى الظل

يبدأ فيلم حملة فرعون في أجواء غامضة داخل صالة ملاكمة بالقاهرة حيث نرى يحيى المعروف بلقب “فرعون” (عمرو سعد) وهو رجل يعيش حياة هادئة بعد ماضٍ مليء بالعنف والدم. يمتلك نادياً رياضياً ويدرب الشباب على فنون القتال محاولاً أن ينسى ماضيه كقاتل محترف عمل ضمن شبكات أمنية دولية. لكن السلام الذي بناه في حياته لا يدوم طويلاً عندما تتعرض سلمى (روبي)، المرأة التي تحمل له مشاعر قديمة، لأزمة مأساوية بعد أن يتم اختطاف ابنها الصغير داخل سوريا على يد مجموعة مسلحة تتاجر بالبشر.

في البداية يحاول فرعون أن يبتعد عن الأمر، لكنه يشعر بالمسؤولية تجاه سلمى وطفلها. تبدأ الرحلة عندما يتواصل معه أحد أصدقائه القدامى في المخابرات ويخبره بأن أمامه فرصة واحدة فقط لإنقاذ الطفل قبل أن يُنقل إلى منطقة خطيرة خارج الحدود. هذا الحدث يعيد فرعون إلى عالمه القديم ويضعه على طريق المواجهة مع ماضيه الذي حاول الهروب منه طويلاً، ليعود القائد الصلب الذي كان يخشاه الجميع ويبدأ بتجميع فريق من المقاتلين القدامى استعدادًا لمهمة مستحيلة داخل الأراضي السورية.

تشكيل الفريق

مع تصاعد الأحداث في فيلم حملة فرعون يبدأ يحيى بالتحرك لتكوين فريق من الأشخاص الذين يثق بقدراتهم رغم اختلاف خلفياتهم. أول المنضمين إليه هو “رعد” (محمد لطفي)، مقاتل ضخم الجثة وصديق قديم لفرعون كان يعمل معه في عمليات سابقة قبل أن يعتزل القتال. ثم ينضم “سيف” (رامز أمير)، شاب صغير السن لكنه يمتلك مهارات قتالية مذهلة وسرعة عالية تجعله جزءًا مهمًا من الخطة. أما “يوسف” (محمود عبد المغني)، فهو ضابط سابق في الاستخبارات يمتلك خبرة استراتيجية وقدرة على التخطيط البارد.

في مشاهد تجمع بين الكوميديا الخفيفة والتوتر يحاول فرعون جمع هذا الفريق المنقسم بين شخصيات متناقضة. كل فرد لديه دافع مختلف، فـ رعد يريد إثبات أنه ما زال قويًا رغم تقدمه في السن، وسيف يسعى إلى إثبات نفسه أمام قائده، بينما يوسف يحاول التكفير عن أخطاء ماضية ارتكبها أثناء خدمته. هذه الخلفيات المختلفة تضيف عمقًا للشخصيات وتجعل فيلم حملة فرعون أكثر من مجرد فيلم أكشن، بل دراما إنسانية عن الشجاعة، والندم، والإخلاص.

بعد عدة اجتماعات سرية داخل مصر يضع فرعون الخطة النهائية للرحلة. الطريق إلى سوريا مليء بالمخاطر، خاصة أن المجموعة المسلحة التي اختطفت الطفل تخضع لحماية مليشيات دولية. لكن فرعون لا يتراجع ويصر على تنفيذ العملية بنفسه، مؤكدًا أن “الرجولة ليست في البقاء حيًا، بل في إنقاذ من نحب مهما كان الثمن”.

الانطلاق نحو سوريا

ينطلق الفريق في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى سوريا في منتصف أحداث فيلم حملة فرعون. السفر يتم بطرق غير شرعية لتجنب المراقبة، ويضطرون لاستخدام هويات مزيفة للعبور عبر الحدود. المشاهد هنا مشبعة بالتوتر والدراما، حيث تظهر لقطات الصحراء القاسية والمعابر العسكرية، ويُبرز الإخراج واقعية الأجواء من خلال تصوير المعارك في مواقع تشبه المناطق الحربية الحقيقية. خلال الرحلة تنشأ لحظات إنسانية مؤثرة بين أعضاء الفريق إذ يتبادلون القصص عن حياتهم السابقة وأسباب انضمامهم للمهمة.

يقرر فرعون تقسيم الفريق إلى مجموعتين: الأولى بقيادته تتجه مباشرة نحو المعسكر حيث يُحتجز الطفل، بينما تتولى المجموعة الثانية بقيادة يوسف مهمة تعطيل أنظمة الاتصالات لمنع وصول الدعم للمسلحين. أثناء التنفيذ يتعرض الفريق لكمين مفاجئ من عناصر مسلحة، ما يؤدي إلى اشتباك عنيف يسفر عن إصابة سيف بجروح خطيرة. على الرغم من الفوضى، يصر فرعون على إكمال المهمة بنفسه، ويُظهر تصميمًا استثنائيًا يجعله يبدو كقائد أسطوري مستعد للموت في سبيل إنقاذ الطفل.

المعركة الكبرى

في ذروة فيلم حملة فرعون، تندلع معركة ملحمية بين فرعون وفريقه وبين العصابة المسلحة داخل مجمع ضخم محاط بالأسوار. المعارك مصممة بعناية تجمع بين القوة البدنية والعواطف الإنسانية. يقاتل كل فرد من الفريق بشجاعة، لكن الخسائر تكون مؤلمة. ينجح فرعون في التسلل إلى غرفة القائد الرئيسي للعصابة ويدور بينهما صراع دموي يعكس حجم الغضب الذي يحمله في داخله. الإضاءة الحمراء والمؤثرات الصوتية تضيف طابعًا سينمائيًا يجعل المشهد يبدو كلوحة قتال أسطورية.

في الوقت نفسه يقترب يوسف من إتمام مهمته بتعطيل الاتصالات لكنه يُصاب إصابة خطيرة أثناء محاولته إنقاذ سيف. هذه التضحيات تمنح القصة بعدها الإنساني، فالبطولة في فيلم حملة فرعون لا تأتي من القوة فقط بل من الإخلاص والتعاون. وفي لحظة حاسمة، يتمكن فرعون من إنقاذ الطفل أخيرًا بعد مواجهة مباشرة مع زعيم المليشيا، مستخدمًا ذكاءه وخبرته السابقة بدلًا من القوة العمياء.

النهاية والتضحية

بعد انتهاء القتال يعود فرعون بالطفل وسط مشاعر مختلطة من النصر والحزن لفقدانه بعض أعضاء الفريق. المشهد الأخير في فيلم حملة فرعون يُظهره وهو يسير عبر المطار ممسكًا بيد الطفل، بينما يودع رفاقه الذين سقطوا في المعركة. الموسيقى التصويرية تُضفي جوًا مؤثرًا يجمع بين الفخر والأسى. النهاية تؤكد أن البطولة الحقيقية ليست في الانتصار فقط، بل في القدرة على التضحية من أجل الآخرين، وأن الإنسانية يمكن أن تظهر حتى في أكثر الأماكن ظلامًا.

بهذا الختام يثبت فيلم حملة فرعون مكانته كأحد أبرز أفلام الأكشن المصرية الحديثة، حيث جمع بين القوة البصرية، الأداء الجسدي العالي، والرسالة العاطفية العميقة التي تمجد معنى التضحية والانتماء.